هل أصبحت كرة القدم مؤسسة ربحية من يعلم لاعبينا روح الإيثار!؟
محمد الحسني
عندما يندرج اسمك ضمن لائحة المشاهير سواء كنت “لاعب، فنان، او ممثل”، فأنك بطريقة غير مباشرة ستكون قدوة يحتذى بها من قبل اغلبية شرائح المجتمع، وكل عمل تقوم به سيء او جيد سيكون له صدى وتأثير، خصوصاً ونحن نعيش عالم التكنولوجيا والسرعة في نقل المعلومة بالصوت والصورة، ونظراُ للتفاعل البشري الهائل عبر السوشال ميديا فان الحدث ينتقل الى ارجاء الكوكب بالثانية المباحة لكل فرد.
تختلف صفات واهتمامات اللاعبين فمنهم من يكون شغله الشاغل في الملعب فقط، لغرض تسجيل الاهداف والمساهمة في تتويج فريقه بالبطولات، وهناك من يعيش حياة الرفاهية ويسارع الى شراء القصور الفارهة واحدث السيارات والماركات العالمية، وايضاً هناك من يضيف لأبداعه في الملاعب لمسة اخرى لدعم بلدانهم ومناطقهم التي خرجوا منها للاحتراف، فيعزز نجوميته بوضوح صفة الانسانية الحقيقية لدعم شعبه وجمهوره ومحبيه، لاسيما الذين عاشو في ظروف مادية صعبة، حيث لجأ الكثير من محترفي كرة القدم الى تأسيس مؤسسات خيرية، لتقديم العون والمساعدة للفئات المتعففة، لتغيير واقهم الذي فرضتها عليهم الظروف.
يعد النجم المصري محمد صلاح، من اشهر اللاعبين العرب وخير دليل على الذين يدعمون الفقراء في بلدانهم، حيث قام بأنشاء معهد ديني ومركز غسيل الكلى، كما تبرع لصندوق “تحيا مصر”، الخاص بدعم شريحة من الفقراء، وساهم ايضاً في تطوير مستشفيات مدينة طنطا والكثير من الاعمال الخيرية الاخرى. ونجد الاعب السنغالي ساديو ماني يحذو على مسار صلاح في الانسانية وروح الايثار، الذي يعد الان ليس مجرد لاعب محترف يسجل الاهداف ويحقق الالقاب، بل تعدى ذلك واصبح في بلده حديث الجميع، لما فعل من اعمال خيرية منها: بناء مستشفى في احد الاحياء الفقيرة في السنغال يدعى” بامبالي”، حيث وفر هذا المشفى خدمات طبية للمدينة، فضلاً عن الكثير من المدن المجاورة لها، كما اقدم على بناء مدرسة نموذجية مشابهة للطراز الاوربي في نفس الحي الذي نشأ فيه، وعمل على تخصيص مرتب شهري لاغلب سكان البلدة، كما دعم العشرات من الاعمال الخيرية الاخرى الخاصة بالطلبة والمتفوقين. لاننسى ايضاً الارجنتيني ليونيل ميسي افضل لاعب بالعالم وقد يكون بالتاريخ، الذي انشأ في عام 2017 مؤسسة ” ليو ميسي” الخيرية، التي تعنى بتأمين التعليم والرعاية الصحية للأطفال، وتعمل على تشخيص الاطفال الارجنتينيين ونقل المرضى ورعايتهم ودفع تكاليف الاقامة والعلاج في اسبانيا، حيث تبرع بأكثر من 4 مليون دولار للمساعدة في تمويل مركز لسرطان الاطفال في مدينة برشلونة، و قدم الكثير من التبرعات المالية لمستشفى في بوينس ايرس الارجنتينية مختصة في علاج سرطان الاطفال.
ما تم ذكره اعلاه قصص انسانية عالمية ابطالها نجوم كرة قدم، لم تلهيهم نجوميتهم عن القيام بأعمال خيرية للمحتاجين في بلدانهم. محلياً في بلد الخيرات “العراق” كما يدعي شعبه، والذي يقول اغلب سكانه ان مشكلتهم في الحياة طيبة القلب، التي لم يرى منها شيء لدى نجومه ورياضيه على الاقل، واصبحت مجرد شعار او حبر على ورق معلق على صبة كونكريتية في فترة الانتخابات، لم نسمع يوماً ان نجم او لاعب محترف اسهم في تقديم خدمات للمجتمع، كبناء مستشفى، مدرسة، او صندوق خيري لدعم المحتاجين، بل على العكس نجد اغلبهم في كل بطولة يطالبون بشراهة وصلافة عن مكافئات مالية، وقطع اراضي وسيارات والكثير من الهدايا التي تعكس لنا واقعهم بأنهم يلعبون من اجل العراق “شعاراً فقط”، و ان ما يحققوا من انتصارات كروية بمقابل وليس مجاني، متناسين بأن فرصة التمثيل الدولي المتوفرة لهم يحلم بها عشرات الشباب، وان شرف تمثيل المنتخبات الوطنية يجب ان يكون بلا مقابل، لان الوطن اسمى واكبر من ان تقدم له خدمة بمقابل.
جميعنا شهدنا الايثار لدى اغلبية فئات المجتمع العراقي بطوائفه ومذاهبه كافة، حيث قدم المتطوعين في عام 2014، اسمى صفات النبل والانسانية، عندما لبو نداء الوطن تاركين عوائلهم واعمالهم وحياتهم، وتركو اروع صور للتضحيات والبطولات عندما واجهو قوى الشر” داعش” .
نأمل من الجيل الحالي والاجيال المقبلة التحلي بالصفات الانسانية، وان ينظروا الى العالم المشرق في ذواتهم، اذ بأمكانهم ان يتوهجو بصفاتهم الحميدة ومساعدة الاخرين، وليتذكروا ان في بلدهم العراق العشرات من المناطق المحرومة والفئات المعدمة السحيقة، فضلاً عن دور الايتام والمسنين، وجرحى المعارك والحروب. وكل هذه الفئات كانت مساهمة في دعمهم ومؤازرتهم، لذا رد الجميل لهم واجب او لخدماتهم التي قدمت للعراق.